responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 186
وَكَالصَّلَاةِ حَسُنَتْ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا مِنْ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّهَا دُونَ التَّصْدِيقِ وَهِيَ نَظِيرُ الْإِقْرَارِ حَتَّى سَقَطَتْ بِأَعْذَارٍ كَثِيرَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَمَسَّكَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ لُغَةً وَعُرْفًا: هُوَ التَّصْدِيقُ فَحَسْبُ وَأَنَّهُ عَمَلُ الْقَلْبِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِاللِّسَانِ فَالْإِيمَانُ بِاَللَّهِ هُوَ تَصْدِيقُ اللَّهِ فِيمَا أَخْبَرَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَوْ تَصْدِيقُ رَسُولِهِ فِيمَا بَلَغَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ أَطْلَقَ اسْمَ الْإِيمَانِ عَلَى غَيْرِ التَّصْدِيقِ فَقَدْ صَرَفَهُ عَنْ مَفْهُومِهِ لُغَةً، وَبِأَنَّ الشَّيْءَ لَا وُجُودَ لَهُ إلَّا بِوُجُودِ رُكْنِهِ وَاَلَّذِي آمَنَ مَوْصُوفٌ بِالْإِيمَانِ عَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ حِينِ آمَنَ إلَى أَنْ مَاتَ بَلْ إلَى الْأَبَدِ فَيَكُونُ مُؤْمِنًا بِوُجُودِ الْإِيمَانِ وَقِيَامُهُ بِهِ حَقِيقَةً وَلَا وُجُودَ لِلْإِقْرَارِ حَقِيقَةً فِي كُلِّ لَحْظَةٍ، فَدَلَّ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ بِمَا مَعَهُ مِنْ التَّصْدِيقِ الْقَائِمِ بِقَلْبِهِ الدَّائِمِ بِتَجَدُّدِ أَمْثَالِهِ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْإِقْرَارَ لِيَكُونَ شَرْطًا لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا إذْ لَا وُقُوفَ لِلْعِبَادِ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ دَلِيلٍ ظَاهِرٍ لِتَمَكُّنِهِمْ بِنَاءَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُطَّلِعُ عَلَى مَا فِي الضَّمَائِرِ فَيُجْرِي أَحْكَامَ الْآخِرَةِ عَلَى التَّصْدِيقِ بِدُونِ الْإِقْرَارِ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ وَلَمْ يُصَدِّقْ فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ فَهُوَ كَافِرٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ رُكْنًا عِنْدَ الشَّيْخِ وَالشَّيْءُ لَا يَبْقَى بِدُونِ رُكْنِهِ لَزِمَ عَلَيْهِ بَقَاءُ الْإِيمَانِ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ بِدُونِ الْإِقْرَارِ فَأَدْرَجَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ الْجَوَابَ عَنْهُ، فَقَالَ: الْإِقْرَارُ رُكْنٌ مُلْحَقٌ بِهِ أَيْ بِالتَّصْدِيقِ فِي كَوْنِهِ رُكْنًا، لَكِنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَنْ قَوْلِهِ هُوَ رُكْنٌ أَيْ الْإِقْرَارُ مَعَ كَوْنِهِ رُكْنًا مُحْتَمِلٌ لِلسُّقُوطِ عَنْ الْمُكَلَّفِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ حَالَةُ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ اللِّسَانَ لَيْسَ مَعْدِنَ التَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْإِيمَانِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ فَوَاتِ الْإِقْرَارِ فَوَاتُ التَّصْدِيقِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الْإِقْرَارُ رُكْنًا لَكِنَّ اللِّسَانَ لَمَّا كَانَ مُعَبِّرًا عَمَّا فِي الْقَلْبِ كَانَ الْإِقْرَارُ دَلِيلًا عَلَى التَّصْدِيقِ وُجُودًا وَعَدَمًا فَجُعِلَ رُكْنًا فِيهِ، وَقِيَامُ السَّيْفِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى رَأْسِهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى تَبْدِيلِ الْإِقْرَارِ حَاجَتُهُ إلَى دَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ لَا تَبْدِيلُ التَّصْدِيقِ، فَلَمْ يَصْلُحْ عَدَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ فَلَمْ يَبْقَ رُكْنًا فَأَمَّا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَعَدَمُهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ حَسَنًا لِعَيْنِهِ وَوَاجِبًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَكَلَّفَهُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِتَبَدُّلِ الِاعْتِقَادِ فَصَلُحَ أَنْ يَكُونَ رُكْنًا وَإِنْ كَانَ دُونَ التَّصْدِيقِ، مُخْتَارًا فِي التَّصْدِيقِ احْتِرَازًا عَنْ التَّصْدِيقِ حَالَةَ الْيَأْسِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَصْلًا، كَانَ مُؤْمِنًا يَعْنِي عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَإِنَّمَا قَالَ إنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ الِاخْتِيَارِيَّ مَعَ عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِقْرَارِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ

[الصَّلَاةِ حَسُنَتْ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا]
قَوْلُهُ (وَكَالصَّلَاةِ) عَطْفٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ وَإِقْرَارٌ هُوَ رُكْنٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالْإِقْرَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فَكَانَا مِنْ الضَّرْبِ الثَّانِي فَكَانَ قَوْلُهُ وَإِقْرَارٌ هُوَ رُكْنُ ابْتِدَاءِ بَيَانِ الضَّرْبِ الثَّانِي، وَكَانَ مِنْ حَقِّ الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ أَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَكَالتَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ الْأَصْلِيُّ فِي الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ عَنْ الْمُكَلَّفِ بِحَالٍ وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي فَكَالْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مُلْحَقٌ بِالتَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ لِعَيْنِهِ إذْ هُوَ إقْرَارٌ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِقْرَارٌ بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَهُوَ حَسَنٌ وَضْعًا لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ إلَى آخِرِهِ وَكَالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا حَسُنَتْ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا وَهُوَ التَّعْظِيمُ لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلًا وَفِعْلًا لِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ وَتَعْظِيمُ الْمُعَظَّمِ حَسَنٌ فِي الشَّاهِدِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست